مرتكزات بناء الحضارة الإسلامية

مرتكزات بناء الحضارة الإسلامية
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله خلق الإنسان علمه البيان، ونشهد ألا لا إله إلا الله وحده لا شريك له، "شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم"، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا محمدًا عبد الله ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة، ونصح الأمة وكشف الله به الغمة، وجاهد في سبيل دين ربه حتى أتاه اليقين، فاللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد.

إخواني وأخواتي في الله -عز وجل- موضوع خطبتنا اليوم "مرتكزات بناء الحضارة الإسلامية" ذلكم؛ لأن الأنظمة البائدة التي أكرمنا الله - عز وجل- بالتخلص من بعض رؤوسها وبقي الكثير من أذنابها تركت لنا مخلفات، وعاشت على أربعة سمات: الاستبداد السياسي، والفساد المالي، والتحلل الأخلاقي، والتخلف الحضاري.

فصار الكيان الصهيوني رغم قلته عددًا وعدة، عنده براءات اختراع تزيد عن العالم العربي كله أضعافا مضاعفة،؛ لأن الأمر كما قال الإمام الماوردي في الصفحة الأولى من كتابه الأحكام السلطانية، قال: والخلافة هي نيابة عن النبوة، في حرسة الدين وسياسة الدنيا.

ويشترط أن يقوم على شئون البلاد ورعاية العباد أولوا العلم والكفاية والدراية، ثم أورد قول الشاعر:

لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم

ولا سراة إذا جهالهم سادوا

من أجل هذا بنى الإسلام المرتكزات الأربع لبناء الحضارة الإسلامية التي قالت عنها الدكتورة زيجرد هونكا الألمانية، قالت: لقد قدم الإسلام حضارة جديدة فريدة، جمعت بين الروح والأخلاق والعدة والمادة، والفرد والأمة، الواقع والخيال، الرجل والمرأة، لينصهروا في مشروع حضاري انفرد بقيادة العالم ثلاثة عشرة قرنًا.

أقول: تُبنى الحضارة الإسلامية على مرتكز أول وهو الإيمان بالغيب.

والثاني: العلم النافع.

والثالث: الأخلاق الراقية.

والرابع: المادة والعمران المادي.

هذه الجوانب الأربعة جاء الإسلام ليجعل بناء الإنسان من أعماقه، من قلبه، من وجدانه، من عالم الروح (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً) والجانب الروحي هو أكبر الجوانب التي غابت أو كادت في الحضارة المادية الحديثة